أولاً ــــ في القرآن :ـــ
قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ /183/أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ /184/شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ /185/ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ/186/ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ )187البقرة
يقول الله تعالى آمراً هذه الأمة بالصيام ، وهو الإمساك عن الطعام والشراب والجماع وكل المفطرات المعروفة ، وذلك بنية خالصة لله عز وجل ، لما في ذلك من تزكية للنفوس وطهارتها وتنقيتها من الأخلاط الرديئة والأخلاق الرذيلة ، وذكر سبحانه بأنة كما أوجبه على هذه الأمة فقد أوجبه على من كان قبلهم فلهم فيهم أسوة وليجتهدوا في أداء هذا الفرض أكمل مما فعلة أولئك ، والصوم فيه تزكية للبدن وتضييق لمسالك الشيطان ،
وكان الصيام في ابتداء الإسلام ثلاثة أيام من كل شهر واستمر ذلك من زمن نوح عليه السلام حتى بعثة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام ، ثم نسخ بعد ذلك بصوم شهر رمضان ، وكان في البداية بالتخيير ،
فمن أراد أن يفطر عليه أن يطعم عن كل يوم مسكيناً حتى نزل التكليف بالصوم للمقيم الصحح ، وبقيت الرخصة للمريض والمسافر ، وقد مدح الله تعالى شهر رمضان من بين سائر الشهور بأن أختاره من بينهن لإنزال القرآن العظيم جملةً واحدة إلى بيت العزة من السماء الدنيا في ليلة القدرثم نزل بعد ذلك مفرقاً حسب الوقائع والأحداث ، وأنه الشهر الذي كانت تنزل فيه الكتب الإلهية على الأنبياء ، ثم أورد الله سبحانه بين آيات الصيام قوله تعالى (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) /186 البقرة ، وهذا إرشاد من الله عز وجل بالاجتهاد في الدعاء عند إكمال العدة وعند كل فطر ، في الحديث (للصائم عندإفطاره دعوة مستجابة)رواه الإمام أبو داود الطيالسي في مسنده عن عبد الله بن عمر ، ورمضان كله شهر خير وبركه وكله مضنة إجابة الدعاء ، وفي الآية الأخيرة من الآيات المذكورة أعلاه ، رفع الله تعالى ما كان عليه الأمر في ابتداء الإسلام حيث كان إذا أفطر أحدهم إنما يحل له الأكل والشرب إلى صلاة العشاء فقط فمتى نام أوصلى العشاء حرم عليه الأكل والشرب والجماع إلى الليلة القابلة ، فوجدوا في ذلك مشقة كبيرة ، فنزلت هذه الآية بإ باحة الأكل والشرب والجماع من غروب الشمس إلى الفجر ، ففرحوا بذالك فرحاً شديداً ، وشرعة في هذا الشهر صلاة التراويح ، وشرع فيه الاعتكاف ، وهما سنة وليس واجب ،
ثانياً ــــ في الأحاديث النبوية :ـــ
ـــ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { قال الله عز وجل : كل عتل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به ، والصيام جنة ـــ أي وقاية من النار والمعاصي ـــ فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولايصخب ، فإن سابه أحد أو قاتله ، فليقل إنب صائم ، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ،للصائم فرحتان يفرحهما ،إذا أفطر فرح بفطره ، وإذا لقي ربه فرح بصومه } متفق عليه
وفي رواية لمسلم ، { كل عمل ابن آدم يضاعف ، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، قال الله تعالى { إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ، يدع شهوته وطعامه من أجلي ، للصائم فرحتان ، فرحةٌّ عند فطره ، وفرحةٌّ عند لقاء ربه ، ولخلوف فيه أطيب عند الله من ريح المسك ،
ـــ عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : {من صام رمضان إيماناً واحتساباً ، غفرله ما تقدم من ذنبه } متفق عليه
ـــ وعنه رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إذا جاء رمضان ، فتحت أبواب الجنة ، وغلقة أبواب النار ، وصفدت الشياطين ،
ـــ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله غليه وسلم ، يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم فيه بعزيمة ، فيقول : { من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفرله ماتقدم من ذنبه } رواه مسلم
ـــ وعنه رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ماتقدم من ذنبه } متفق عليه
من الفضائل لهذه الأمة في رمضان :ــ
1ـــ المغفرة لمن صامه وقامه إيماناً واحتساباً
2ــ مضاعفة الأجر أضعافاً كثيرة كما في الحديث القدسي
3ــ قبول دعاء الصائم وإنه لايرد
4ـــ الصيام يشفع للعبد يوم القيامة
5ـــ العمرة فيه كحجه
6ـــ تخصيص باب للصائمين يدخلون منه الجنة
7ـــ فتح أبواب الجنة وغلق أبواب النار
8ـــ تكريمهم بليلة القدر التي هي خير من الف شهر
9ــ خلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح السك
10ـــ تستغفر لهم الملائكة حتى يفطروا
11ــ يزين الله جنته لهم كل يوم
12ـــ تصفد الشياطين فلا يخلصون لماكانوا يخلصون في غيره
13ـــ يغفر لهم في آخر ليلة منه بعدد الذين غفر لهم طوال الشهر
اخواني وأخواتي أود التنبيه إلى الآتي :ــ
1 ــــ أحرص على أن يكون هذا الشهر نقطة محاسبة وتقويم ومراجعة
2ـــ أحرص على التراويح جماعة مع الإمام حتى ينصرف ليكتب لك قيام ليلة ،
3ــــ احذر من الإسراف في كل شيء فالإسراف محرم ويقلل من حظك في الصدقات التي تؤجر عليها.
4ـــ أعقد العزم على الاستمرار بعد رمضان على ما أعتد ت عليه في رمضان ،
5ــــ أعتبر بمضي الزمان وتتابع الأحوال على انقضاء العمر.. 6ـــ إن هذا الشهر هو شهر عبادة وعمل وليس نوم وكسل. ومضيعة لإوقاته فيما لافائدت فيه ،
7ـــ تعود على دوام الذكر ولا تكن من الذين لا يذكرون الله إلا قليلا ، حتى تكتب عند الله من الذاكرين الله كثيراً
8ــــ عند شعورك بالجوع تذكر أنك ضعيف ولا تستغني عن الطعام وغيره من نعم الله ،
9ـــ أنتهز فرصة هذا الشهر للامتناع الدائم عن تعاطي مالا ينفعك بل يضرك
10ـــ اعلم أن العمل أمانة فحاسب نفسك على هذا الأساس
11ــــ سارع إلى طلب العفو ممن ظلمته قبل فوات الأوان
12ــــ أحرص على أن تُفطِر صائما فيصير لك مثل أجره.
13 ـــ اعلم أن الله أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين ويقبل التوبة من التائبين وهو سبحانه شديد العقاب يمهل ولا يهمل.
14ـــ إذا فعلت معصية وسترك الله سبحانه فأعلم أنه إنذار لك لتتوب فسارع للتوبة النصوح
15ـــ اعلم أن الله سبحانه أباح لنا الترويح عن النفس بغير الحرام ولكن التمادي وجعل الوقت كله ترويحا يفوت فرصة الاستزادة من الخير.
16ـــ احرص على معرفة ، تفسير القرآن - وأحاديث الرسول ، والسيرة العطرة - وعلوم الدين . فطلب العلم عبادة.
17ــــ ابتعد عن جلساء السوء واحرص على مصاحبة الأخيار الصالحين.
18ـــ إن الاعتياد على التبكير إلى المساجد يدل على عظيم الشوق والأنس بالعبادة ومناجاة الخالق.
19ـــ أحرص على توجيه من تحت إدارتك إلى ما ينفعهم في دينهم فإنهم يقبلون منك أكثر من غيرك.
20ـــ لا تكثر من أصناف الطعام في وجبة الإفطار فهذا يشغل أهل البيت عن الاستفادة من نهار رمضان في قراءة القرآن وغيره من العبادات.
21ــــ اعلم أن هذا الشهر المبارك ضيف راحل فأحسن ضيافته فما أسرع ما تذكره إذا ولى.
22ــــ احرص على قيام ليالي العشر الأواخر فهي ليالي فاضلة وفيها ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.
23ــــ اعلم أن يوم العيد يوم شكر للرب فلا تجعله يوم انطلاق مما حبست عنه نفسك في هذا الشهر
24ـــ تذكر وأنت فرح مسرور بيوم العيد إخوانك اليتامى والثكالى والمعدمين واعلم أن من فضلك عليهم قادر على أن يبدل هذا الحال فسارع إلى شكر النعم ومواساتهم.
25ـــ احذر من الفطر دون عذر فإن من أفطر يوما من رمضان لم يقضه صوم الدهر كله ولو صامه.
26ـــ اجعل لنفسك نصيبا ولو يسيرا من الاعتكاف.
27ـــ يحسن الجهر بالتكبير ليلة العيد ويومه إلى أداء صلاةالعيد
28ـــ اجعل لنفسك نصيبا من صوم التطوع ولا يكن عهدك بالصيام في رمضان فقط.
29ـــ حاسب نفسك في جميع أمورك ومنها : المحافظة على الصلاة جماعة - صلة الأرحام - برالوالدين - تفقد الجيران - الصفح عمن بينك وبينه شحناء - عدم الإسراف - تربية من تحت يديك - الاهتمام بأمور إخوانك المسلمين - عدم صرف شيء مما وليت عليه لفائدة نفسك - استجابتك وفرحك بالنصح - الحذر من الرياء - حبك لأخيك ما تحب لنفسك - سعيك بالإصلاح - عدم غيبة إخوانك - تلاوة القرآ ن وتدبر معانيه - الخشوع عند سماعه
فاحرص أخى الفاضل ــ أختى الفاضلة على أن يكون صيامكم كصيام الصالحين , وذلك بغض البصر , وحفظ اللسان , وكف السمع عن كل مكروه ومحرم , وكف بقيه الجوارح عن الآثام ,
و تحرى الحلال والبعد عن الشبهات , وتقليل الطعام فى الإفطار لتقوى النفس على العبادة , فالمقصود الأعظم من الصوم تصفيه القلب , وتفريغه لله عز وجل ، عس أن تكونوا من هذه الأصناف الذكورة في قوله تعالى (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (
اللهم سلمنا لرمضان وسلمنا رمضان واستلمه منا بالعفو والغفران والعتق من النار وتقبل منى ومن جميع المسلمين الصيام والقيام والدعاء وجميع الأعمال وتجاوز عنا وعن جميع المسلمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ،،،