الحكمة فى رمى الجمرات السبع!! ولماذا؟ لماذا نرمى حجر بحجر ???
لماذا نرمى حجر بحجر ???
أراد الله سبحانه وتعالى بقصة إبراهيم وإسماعيل مع إبليس أن يعلمنا بعد أن وقفنا بعرفات
وغفر لنا ذنوبنا .. لكي نحافظ على هذه التوبة , لا بد أن نرجم الشيطان في أنفسنا رجما معنويا
فلا نجعل له فيها مدخلا , إذا حاول أو يوسوس لنا بمعصية فلا نستمع إليه .. وإنما نرجمه بعصياننا
لنزغاته حتى يبتعد عنا ويتركنا ولا يكون له علينا سلطان أنت إذا أصغيت إلى الشيطان مجرد إصغاء . .
فهذه أو خطوة من خطوات المعصية .. أنه يريد أن يستميلك لتستمع إليه .. فلا تترك له هذه الفرصة
.. ولا تستمع لإغوائه .. بل ارجمه على الفور بالعصيان . بعض الناس يتساءل : نحن نرجم حجرا ..
فما علاقة الشيطان بهذه الحجر ؟ وهل الشيطان موجود فيه ؟ بعض العلماء يقولون إن الشياطين
تحبس في هذه الأحجار في أيام منى .. ونحن نقول لهم سواء أكان هذه صحيحا أم غير صحيح ..
فإنه اختبار كما قلنا للإيمان في القلب .. فعلّة الأسباب الإيمانية ليست في أن نفهمها ..
أو نعرف الحكمة منها .. ولكن علة الأشياء في أن الله سبحانه وتعالى قد أمرنا بها ..
إننا نقبل حجرا ونرجم حجرا .. والسبب في هذا أن الله تبارك وتعالى أمرنا والواجب أن نطيع الأمر
دون أن نحاول أن نفلسف الأمور بعقولنا الضيقة والعاجزة .. ذلك إنه مادام الله سبحانه وتعالى قد أمر ..
فلا بد أن هناك حكمة عرفناها أو لم نعرفها .. ذلك أن هناك أسرارا كثيرة في الكون لا نعلم عنها شيئا .
ويريد الله سبحانه وتعالى أن نعرف إنه مادمنا قد أتممنا الحج – والحج مادام من حلال به وجه الله
فهو مقبول ومبرور – فإن الشيطان لن يتركنا بمجرد غفران الذنب , أنه يحاول أن يدفعنا
في ذنوب ومعاص جديدة .. وبمجرد عودتنا من الحج هو سيعمل على أن يفسد علينا الطاعة
ويضع في نفوسنا المعصية . والله جل جلاله يريدنا أن نلتفت إلى أننا في الحج إنتصرنا على الشيطان ..
بأن امتنعنا عن كل ما نهى الله عنه .. ليس امتناعا يشمل ما حرم الله في الأوقات العادية ..
ولكن التحريم إمتد إلى بعض ما كان مباحا .. فكأن التحريم زاد ورغم ذلك قدرنا عليه ..
وقضينا مناسك الحج في ذكر الله و الإنشغال بالعبادة والدعاء .. بمعنى أننا لسنا قادرين
فقط على طاعة المنهج .. بل إننا قادرون على طاعات أكبر وأكثر .. فإذا تذكرنا هذه الحكمة
إلتزمنا تقوى الله بعد أداء مناسك الحج .. وعرفنا إننا قادرون على الطاعة فالتزمناها ..
ولذلك يقول الحق سبحانه وتعالى :
( فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم ءاباكم
أو أشد ذكرا فمن الناس من يقول ربنا ءاتنا في الدنيا وماله في الأخرة من خلاق )
– سورة البقرة
إن الله سبحانه وتعالى يريدنا لكي لا نضل ولا ننحرف , أن نذكره دائما
بعد أداء فريضة الحج كما نذكر آباءنا على التباعد .. أن وهم بعيدون عنا ..
أن نذكر الله سبحانه وتعالى .. لأن هذا هو التلاقي الذي تنعدم فيه كل الأهواء
وكل الإنتماءات إن الحق تبارك وتعالى يريد أن يقرب من خلقه ما يجعل حركاتهم تتساند ولا تتعاند
.. فيجب أن يكون ذكرنا لله أشد من ذكرنا لآبائنا .. لأن الآباء مهما طال بهم العمر إنتهوا وما توا ..
والله أزلي لا يموت .. وإذا كان الآباء هم السبب المباشر في قدومنا إلى الدنيا ..
فإن الله سبحانه وتعالى هو الذي أوجدنا من عدم , وخلقنا من عدم .. فالخلق يرد إلى الخالق ..
ونحن مجرد أسباب .. فلا بد أن نذكر الأصل في الإيجاد .. وهو الذي أوجد من عدم أكثر
مما نذكر الأسباب .. بعد النجاح الذي حققه إبراهيم وإسماعيل وهاجر عليهم السلام وصمودهم أمام البلاء
.. حدث الفداء .. كما يروى القرآن الكريم :
( وفديناه بذبح عظيم * وتركنا عليه في الأخرين
* سلام على إبراهيم * كذلك نجزي المحسنين * إنه من عبادنا المؤمنين * وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين )
– سورة الصافات
إذن ساعة أمر الله إبراهيم أن يذبح إبنه لم يكن عنده إلا إسماعيل وبُشر بإسحاق بعد ذلك .
. ورغم شدة الإبتلاء فإن إبراهيم وإسماعيل سلما الأمر لله واستجابا له ..
ولذلك وصف الله إبراهيم بأنه حليم أواب ..
( فلما أسلما وتله للجبين )
– سورة الصافات
أي بدأ التنفيذ فعلا .. وأمسك إبراهيم بالسكين ليذبح إبنه .. ولكن السكين لم تذبح .
. لأن السكين لا تذبح بذاتها ولكن بأمر الله لها .. فكما قال الله تبارك وتعالى للنار
التي ألقوا فيها إبراهيم عليه السلام ..
( قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم )
– سورة الأنبياء
فإنها لم تحرقه .. كذلك أمر السكين ألا تذبح فلم تذبح ..
وفي ساعة الوفاء بالأمر نادى الله سبحانه إبراهيم كما جاء في
قول الله تبارك وتعالى :
( وناديناه أن يا إبراهيم * قد صدقت الرءيا ) –
سورة الصافات
إن الله سبحانه وتعالى يريد من خلقه أن يؤمنوا بحكمة أوامره ..
وأن يقبلوا على تنفيذها برضاه . فإذا أقبلت على تنفيذ الأمر بالرضا يرفع الله قضاءه ..
ولذلك أحفظ هذه الآية جيدا وتذكرها وأنت في منى .. حتى تعرف إنه في كل
أحداث الحياة التي تصيب الإنسان لا يرفع الله قضاءه إلا إذا رضي بالقضاء من إبتلى به ..
فإذا رأيت قضاء قد طال على مقضي عليه كمرض لا يشقى رغم كل وسائل العلاج ,
أو إبتلاء في الأولاد أو المال ولم يرفع رغم طول الزمن .. فأعلم إن المتبلى غير راض بقضاء الله ومتبرم به
.. وساعة يرضى ويسلم بحكمة القضاء .. يرفع عنه .. وإبراهيم صدق الرؤيا , وما دام قد صدقها
برضا نفس وقبول وتسليم بحكمة الله سبحانه فيما يأمر به .. رفع القضاء عنه وقيل له لا تقتل إبنك ..
وأتى الفداء بكبش نزل من السماء فكأن الله تبارك وتعالى هو الذي فدى إسماعيل بهذا الكبش ..
ليس هذا فقط , ولكن الله سبحانه وتعالى بدلا من أن يميت الإبن الوحيد لإبراهيم وهو إسماعيل ..
بشره بغلام ثان هو إسحاق ! إذن فالذي يقبل من الخلق على أوامر الحق الغيبية .. التي لا يعلم
لها حكمة ثقة منه في حكمة الله سبحانه , يكون جزاؤه كبيرا .. وكلما كان الحكم أبعد عن تصور العقل ..
كأن الإيمان أقوى في الصدور .. والذين يمتنعون من الخلق عن أشياء حرمها الخالق ,
لأنهم لا يعرفون الحكمة .. فإذا ظهرت الحكمة وعرف الضرر الذي يصيب الإنسان منها إمتنعوا عنها ..
هؤلاء لا يمتنعون عن إيمان بأمر الله .. ولكن عن إيمان بالطب أو العلوم أو غير ذلك ..
ولا بد أن نعرف أن هناك فرقا بين تكليف الخلق للخلق , وتكليف الخالق لخلقه .
تكليف الخلق للخلق لا بد أن نعرف حكمته لتنفذه .. ولكن تكليف الخالق لخلق ننفذه
إيمانا بحكمة الله سبحانه وتعالى فيما شرع .. وكل شيء جاء من المشرع وتقف عقولنا
عن إدراكه فنحن ننفذه إيمانا بحكمة الله . الإمام على رضي الله عنه .. ساعة تكلم عن المسح على الخفين
.. قال : لو أن المسألة تخضع للعقل .. لكان المسح على باطن القدم أولى من المسح على ظاهره ..
لأن باطن القدم هو الذي يتعرض للإتساخ .. ولكن العملية هي إعداد النفس للإقبال على إليه يريدك
أن تقبل عليه بالطاعة , ولا تستبيح لنفسك أن تدخل على الله سبحانه وتعالى بأي نوع من الجدل ..
فالله سبحانه لا يُسألُ لا عما يفعل , ولا عما يأمر . إنك حينما تأتي لترجم الشيطان فأنت في الواقع
تريد أن تسد عليه المداخل التي يدخل منها إلى نفسك إن الحاج عندما يبيت بمنى يتأسى
بحبيبه المصطفى ويقف بعرفة كما وقف أبوه آدم وقد تعرف إلى حواء أو عرف مناسكه
كما ذكر العلماء فهو يسأل الله تعالى في يوم عرفة أن يهديه سواء السبيل وما وجد الشيطان
أشد حزنا ولا حسرة إلا يوم عرفة لما يرى من غفران الله لعباده ثم إنه حين يجمع الحصوات
ليرمي بها الجمرات إنما ذلك رمز يفقه معناه من شرح الله صدره للإسلام وهو يتمثل
في أمرين الأول طاعة الرحمن والثاني رجم الشيطان